- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
مسلم بن الحجاج
الجمعة 28 أغسطس 2009, 03:17
نسبه:
هو الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري نسبًا النيسابوري
وطنًا، قال ابن الأثير في (اللباب في تهذيب الأنساب): القُشيري بضم القاف
وفتح الشين وسكون الياء تحتها نقطتان وفي آخرها راء، هذه النسبة إلى قُشير
بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة قبيلة كبيرة ينسب إليها كثير من
العلماء، فذكر جماعة من هؤلاء ومنهم الإمام مسلم، ونسبة الإمام مسلم هذه
نسبة أصل ونسب، بخلاف الإمام البخاري فإن نسبته إلى الجعفيين نسبة ولاء،
ولهذا لما ذكر الإمام أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه (علوم الحديث) أن أوّل
من ألَّف في الصحيح الإمام البخاري ثم الإمام مسلم، قال: أول من صنّف
الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي (مولاهم) وتلاه أبو
الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري (من أنفُسهم).
ولادته:
ولد الإمام مسلم سنة أربع ومائتين كما في (خلاصة تذهيب تهذيب الكمال)
للخزرجي، و(تهذيب التهذيب) وتقريبه للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكذا في
(البداية والنهاية) لابن كثير، قال بعد أن ذكر وفاته سنة إحدى وستين
ومائتين: وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي وهي سنة أربع
ومائتين، فكان عمره سبعاً وخمسين سنة رحمه الله تعالى، ونقل ابن خلكان في
كتابه (وفيات الأعيان) عن كتاب (علماء الأمصار) لأبي عبد الله النيسابوري
الحاكم أن مسلمًا توفي بنيسابور لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة إحدى
وستين ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة، ثم قال: فتكون ولادته في سنة ست
ومائتين.
رحلته في طلب العلم وسماعه الحديث:
بدأ بسماع الحديث سنة ثماني عشرة ومائتين كما في (تذكرة الحافظ) للذهبي،
وقد رحل لطلبه إلى العراق والحجاز والشام ومصر، وروى عن جماعة كثيرين أذكر
فيما يلي عشرة من الذين أكثر من السماع منهم والرواية عنهم في صحيحه مع
بيان عدد ما رواه عن كل منهم كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر في تراجمهم في
كتابه (تهذيب التهذيب).
(1) أبو بكر ابن أبي شيبة (1540 حديثاً).
(2) أبو خيثمة زهير بن حرب (1281حديثاً).
(3) محمد بن المثنى الملقب الزمن (772 حديثاً).
(4) قتيبة بن سعيد (668 حديثاً).
(5) محمد بن عبد الله بن نمير (573 حديثاً).
(6) أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب (556 حديثاً).
(7) محمد بن بشار الملقب بنداراً (460 حديثاً).
( محمد بن رافع النيسابوري (362 حديثاً).
(9) محمد بن حاتم الملقب السمين (300 حديث).
(10) علي بن حجر السعدي (188 حديثاً).
وهؤلاء العشرة من شيوخ مسلم روى البخاري في صحيحه مباشرة عن تسعة منهم فهم
جميعًا من شيوخ الشيخين معًا إلا محمد بن حاتم فلم يرو عنه البخاري في
صحيحه لا بواسطة ولا بغيرها، وقد قال الإمام أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه
علوم الحديث، ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري
في كثير من شيوخه.
تلمذته على الإمام البخاري:
يعتبر الإمام البخاري من شيوخ مسلم البارزين الذين لهم جهد كبير في إفادته
وتمكنه في معرفة الحديث النبوي والتثبت في نقل الصحيح. قال الحافظ أبو بكر
الخطيب البغدادي في ترجمة الإمام مسلم في كتابه (تاريخ بغداد): قلت: إنما
قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه وحذا حذوه، ولما ورد البخاري نيسابور
في آخر أمره لازمه مسلم وداوم الاختلاف إليه، وقال الحافظ ابن حجر في شرحه
لنخبة الفكر في معرض ترجيح صحيح البخاري على صحيح مسلم: هذا مع اتفاق
العلماء على أن البخاري كان أجلَّ من مسلم في العلوم وأعرف بصناعة الحديث
منه، وأن مسلمًا تلميذه وخريجه ولم يزل يستفيد منه ويتبع آثاره حتى قال
الدار قطني: لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء. انتهى.
ومع كون الإمام مسلم تتلمذ على الإمام البخاري ولازمه واستفاد منه لم يرو
عنه في صحيحه شيئًا ويبدو ـ والله تعالى أعلم ـ أن مسلمًا رحمه الله فعل
ذلك لأمرين:
الأول: الرغبة في علو الإسناد وذلك أن مسلمًا شارك البخاري في كثير من
شيوخه، فلو روى عنه ما رواه عنهم لطال السند بزيادة راو، لكنه رغبة منه في
علو الإسناد وقربه من رسول الله ، روى مباشرة عن هؤلاء الشيوخ تلك
الأحاديث التي رواها البخاري عنهم.
الثاني: أن الإمام مسلماً ـ رحمه الله ـ ساءه ما حصل من بعض العلماء من
مزج الأحاديث الضعيفة بالأحاديث الصحيحة، وعدم التمييز بينها، فوجه عنايته
إلى تجريد الصحيح من غيره كما أوضح ذلك في مقدمة صحيحه. وإذاً فما كان عند
البخاري من الأحاديث قد كفاه مؤونته لأنه قد عني بجمع الحديث الصحيح مع
شدة الاحتياط وزيادة التثبت.
تلاميذه:
وللإمام مسلم تلاميذ كثيرون سمعوا منه، منهم كما في (تهذيب التهذيب): أبو
الفضل أحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب وأبو عمرو الخفاف وحسين بن محمد
القباني وأبو عمرو المستملي وصالح بن محمد الحافظ وعلي بن الحسن الهلالي
ومحمد بن عبد الوهاب الفراء ـ وهما من شيوخه ـ وعلي بن الحسين بن الجنيد
وابن خزيمة وابن صاعد ومحمد بن عبد بن حميد وغيرهم.
وروى عنه الترمذي في جامعه حديثاً واحداً أخرجه في (كتاب الصيام: باب ما
جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان) فقال: حدثنا مسلم بن حجاج حدثنا يحيى
حدثنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله : ((أحصوا هلال شعبان لرمضان)).
قال العراقي، كما نقله عنه المباركفوري في (تحفة الأحوذي): لم يرو المصنف
في كتابه شيئًا عن مسلم صاحب الصحيح إلا هذا الحديث وهو من رواية الأقران
فإنهما اشتركا في كثير من شيوخهما. وقد أشار إليه الحافظ ابن حجر في
(تهذيب التهذيب) وقال: ما له في جامع الترمذي غيره. وقال الخزرجي في
(خلاصة تذهيب تهذيب الكمال): وعنه الترمذي فرد حديث. انتهى.
وقد رمز في (الخلاصة) و(تهذيب التهذيب) وتقريبه عند الترجمة لمسلم لكونه
من رجال الترمذي، وذلك من أجل هذا الحديث الواحد الذي أخرجه عنه.
نماذج من ثناء العلماء عليه رحمه الله:
تحدث العلماء عن فضل الإمام مسلم واعترفوا له بقوة المعرفة وعلو المنـزلة.
قال فيه شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء: ((كان مسلم من علماء الناس
وأوعية العلم ما علمته إلاَّ خيراً)). وقال ابن الأخرم: ((إنما أخرجت
مدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة: محمد بن يحيى، وإبراهيم بن أبي طالب،
ومسلم)). وقال ابن عقدة: ((قلما يقع الغلط لمسلم في الرجال لأنه كتب
الحديث على وجهه)). وقال أبو بكر بن الجارودي: ((حدثنا مسلم بن الحجاج
وكان من أوعية العلم)). وقال مسلمة بن قاسم: ((ثقة جليل القدر من
الأئمة)). وقال ابن أبي حاتم: ((كتبت عنه وكان ثقة من الحفاظ له معرفة في
الحديث، وسئل عنه أبي فقال: صدوق))، وقال بندار: ((الحفاظ أربعة: أبو
زرعة، ومحمد بن إسماعيل، والدارمي، ومسلم)). وقال إسحاق بن منصور لمسلم:
((لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين)). وقال أحمد بن سلمة: ((رأيت أبا
زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشائخ
عصرهما)). وقال النووي: ((وأجمعوا على جلالته وإمامته وعلو مرتبته، وحذقه
في هذه الصناعة وتقدمه فيها وتضلعه منها)). وقال أيضاً: ((واعلم أن مسلماً
ـ رحمه الله ـ أحد أعلام أئمة هذا الشأن، وكبار المبرزين فيه، وأهل الحفظ
والإتقان والرحالين في طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان، والمعترف له
بالتقدم فيه بلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان، والرجوع إلى كتابه والمعتمد
عليه في كل الأزمان)).
وقال الذهبي في العبر: أبو الحسين النيسابوري الحافظ أحد أركان الحديث.
مؤلفاته:
قال النووي في (تهذيب الأسماء واللغات): وصنّف مسلم ـ رحمه الله ـ في علم الحديث كتباً كثيرة.
(1) منها هذا الكتاب الصحيح الذي منَّ الله الكريم ـ وله الحمد والنعمة
والفضل والمنة ـ به على المسلمين أبقى لمسلم به ذكراً جميلاً وثناء حميداً
إلى يوم الدين مع ما أعدّ له من الأجر الجزيل في دار القرار وعمّ نفعه
المسلمين قاطبة.
(2) ومنها الكتاب المسند الكبير على أسماء الرجال.
(3) وكتاب الجامع الكبير على الأبواب.
(4) وكتاب العلل.
(5) وكتاب أوهام المحدثين.
(6) وكتاب التمييز.
(7) وكتاب من ليس له إلا راو واحد.
( وكتاب طبقات التابعين.
(9) وكتاب المخضرمين. وغير ذلك. انتهى.
وذكر الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ نقلاً عن الحاكم عشرين مؤلفاً لمسلم هي بالإضافة إلى ما تقدم.
(10) كتاب الأسماء والكنى.
(11) كتاب الأفراد.
(12) كتاب الأقران.
(13) كتاب سؤالاته أحمد بن حنبل.
(14) كتاب حديث عمرو بن شعيب.
(15) كتاب الانتفاع بأهب السباع.
(16) كتاب مشائخ مالك.
(17) كتاب مشائخ الثوري.
(18) كتاب مشائخ شعبة.
(19) كتاب أولاد الصحابة.
(20) كتاب أفراد الشاميين.
مهنته:
وكان الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ بزّازاً كما في (تهذيب التهذيب)، وقال
الذهبي في كتابه (العبر): وكان صاحب تجارة وكان محسن نيسابور وله أملاك
وثروة.
عناية العلماء بترجمته ونقل أخباره ـ رحمه الله ـ:
وقد عنى الكاتبون في التاريخ وتراجم الرجال بترجمة الإمام مسلم ـ رحمه
الله ـ، وتحدثوا عنه بما هو حقيق به من ثناء جميل وذكر حسن، وعلى سبيل
المثال أذكر عشرة من أصحاب المؤلفات الذين توّجوا مؤلفاتهم بترجمة الإمام
مسلم ـ رحمه الله ـ مع ذكر تاريخ وفياتهم، واسم الكتاب المطبوع المشتمل
على ترجمة الإمام مسلم، وعدد صفحات الترجمة في كل كتاب وتعيين الصفحة
الأولى منها.
أذكر ذلك تسهيلاً لمهمة من يريد الوقوف على بعض ما كتب عن هذا الإمام الذي
خلّد الله ذكره بما وفقه له من تدوين الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول
الله صلوات الله وسلامه عليه وذلك فيما يلي:
المؤلف وتاريخ وفاته اسم الكتاب عدد صفحات الترجمة الصفحة الأولى الجزء تاريخ الطبع ومكانه
(1) الخطيب البغدادي 463هـ
(2) القاضي محمد بن أبي يعلى 526هـ
(3) الإمام النووي 676هـ
(4) ابن خلكان 681هـ
(5) الحافظ الذهبي 748هـ
(6) ابن كثير 774هـ
(7) ابن حجر العسقلاني 852 هـ
( العليمي الحنبلي 928هـ
(9) ابن العماد الحنبلي 1089هـ
(10) صديق حسن خان1307هـ
تاريخ بغداد
طبقات الحنابلة
تهذيب الأسماء واللغات
وفيات الأعيان
تذكرة الحفاظ
البداية والنهاية
تهذيب التهذيب
المنهج الأحمد
شذرات الذهب
التاج المكلل
وفاته ومدة عمره:
توفي الإمام مسلم رحمه الله عشية يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من
رجب سنة إحدى وستين ومائتين. دفن بنصر أباد ظاهر نيسابور، ومدة عمره قيل:
خمس وخمسون سنة، وقيل: سبع وخمسون رحمه الله.
هو الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري نسبًا النيسابوري
وطنًا، قال ابن الأثير في (اللباب في تهذيب الأنساب): القُشيري بضم القاف
وفتح الشين وسكون الياء تحتها نقطتان وفي آخرها راء، هذه النسبة إلى قُشير
بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة قبيلة كبيرة ينسب إليها كثير من
العلماء، فذكر جماعة من هؤلاء ومنهم الإمام مسلم، ونسبة الإمام مسلم هذه
نسبة أصل ونسب، بخلاف الإمام البخاري فإن نسبته إلى الجعفيين نسبة ولاء،
ولهذا لما ذكر الإمام أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه (علوم الحديث) أن أوّل
من ألَّف في الصحيح الإمام البخاري ثم الإمام مسلم، قال: أول من صنّف
الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي (مولاهم) وتلاه أبو
الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري (من أنفُسهم).
ولادته:
ولد الإمام مسلم سنة أربع ومائتين كما في (خلاصة تذهيب تهذيب الكمال)
للخزرجي، و(تهذيب التهذيب) وتقريبه للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكذا في
(البداية والنهاية) لابن كثير، قال بعد أن ذكر وفاته سنة إحدى وستين
ومائتين: وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي وهي سنة أربع
ومائتين، فكان عمره سبعاً وخمسين سنة رحمه الله تعالى، ونقل ابن خلكان في
كتابه (وفيات الأعيان) عن كتاب (علماء الأمصار) لأبي عبد الله النيسابوري
الحاكم أن مسلمًا توفي بنيسابور لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة إحدى
وستين ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة، ثم قال: فتكون ولادته في سنة ست
ومائتين.
رحلته في طلب العلم وسماعه الحديث:
بدأ بسماع الحديث سنة ثماني عشرة ومائتين كما في (تذكرة الحافظ) للذهبي،
وقد رحل لطلبه إلى العراق والحجاز والشام ومصر، وروى عن جماعة كثيرين أذكر
فيما يلي عشرة من الذين أكثر من السماع منهم والرواية عنهم في صحيحه مع
بيان عدد ما رواه عن كل منهم كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر في تراجمهم في
كتابه (تهذيب التهذيب).
(1) أبو بكر ابن أبي شيبة (1540 حديثاً).
(2) أبو خيثمة زهير بن حرب (1281حديثاً).
(3) محمد بن المثنى الملقب الزمن (772 حديثاً).
(4) قتيبة بن سعيد (668 حديثاً).
(5) محمد بن عبد الله بن نمير (573 حديثاً).
(6) أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب (556 حديثاً).
(7) محمد بن بشار الملقب بنداراً (460 حديثاً).
( محمد بن رافع النيسابوري (362 حديثاً).
(9) محمد بن حاتم الملقب السمين (300 حديث).
(10) علي بن حجر السعدي (188 حديثاً).
وهؤلاء العشرة من شيوخ مسلم روى البخاري في صحيحه مباشرة عن تسعة منهم فهم
جميعًا من شيوخ الشيخين معًا إلا محمد بن حاتم فلم يرو عنه البخاري في
صحيحه لا بواسطة ولا بغيرها، وقد قال الإمام أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه
علوم الحديث، ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري
في كثير من شيوخه.
تلمذته على الإمام البخاري:
يعتبر الإمام البخاري من شيوخ مسلم البارزين الذين لهم جهد كبير في إفادته
وتمكنه في معرفة الحديث النبوي والتثبت في نقل الصحيح. قال الحافظ أبو بكر
الخطيب البغدادي في ترجمة الإمام مسلم في كتابه (تاريخ بغداد): قلت: إنما
قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه وحذا حذوه، ولما ورد البخاري نيسابور
في آخر أمره لازمه مسلم وداوم الاختلاف إليه، وقال الحافظ ابن حجر في شرحه
لنخبة الفكر في معرض ترجيح صحيح البخاري على صحيح مسلم: هذا مع اتفاق
العلماء على أن البخاري كان أجلَّ من مسلم في العلوم وأعرف بصناعة الحديث
منه، وأن مسلمًا تلميذه وخريجه ولم يزل يستفيد منه ويتبع آثاره حتى قال
الدار قطني: لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء. انتهى.
ومع كون الإمام مسلم تتلمذ على الإمام البخاري ولازمه واستفاد منه لم يرو
عنه في صحيحه شيئًا ويبدو ـ والله تعالى أعلم ـ أن مسلمًا رحمه الله فعل
ذلك لأمرين:
الأول: الرغبة في علو الإسناد وذلك أن مسلمًا شارك البخاري في كثير من
شيوخه، فلو روى عنه ما رواه عنهم لطال السند بزيادة راو، لكنه رغبة منه في
علو الإسناد وقربه من رسول الله ، روى مباشرة عن هؤلاء الشيوخ تلك
الأحاديث التي رواها البخاري عنهم.
الثاني: أن الإمام مسلماً ـ رحمه الله ـ ساءه ما حصل من بعض العلماء من
مزج الأحاديث الضعيفة بالأحاديث الصحيحة، وعدم التمييز بينها، فوجه عنايته
إلى تجريد الصحيح من غيره كما أوضح ذلك في مقدمة صحيحه. وإذاً فما كان عند
البخاري من الأحاديث قد كفاه مؤونته لأنه قد عني بجمع الحديث الصحيح مع
شدة الاحتياط وزيادة التثبت.
تلاميذه:
وللإمام مسلم تلاميذ كثيرون سمعوا منه، منهم كما في (تهذيب التهذيب): أبو
الفضل أحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب وأبو عمرو الخفاف وحسين بن محمد
القباني وأبو عمرو المستملي وصالح بن محمد الحافظ وعلي بن الحسن الهلالي
ومحمد بن عبد الوهاب الفراء ـ وهما من شيوخه ـ وعلي بن الحسين بن الجنيد
وابن خزيمة وابن صاعد ومحمد بن عبد بن حميد وغيرهم.
وروى عنه الترمذي في جامعه حديثاً واحداً أخرجه في (كتاب الصيام: باب ما
جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان) فقال: حدثنا مسلم بن حجاج حدثنا يحيى
حدثنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله : ((أحصوا هلال شعبان لرمضان)).
قال العراقي، كما نقله عنه المباركفوري في (تحفة الأحوذي): لم يرو المصنف
في كتابه شيئًا عن مسلم صاحب الصحيح إلا هذا الحديث وهو من رواية الأقران
فإنهما اشتركا في كثير من شيوخهما. وقد أشار إليه الحافظ ابن حجر في
(تهذيب التهذيب) وقال: ما له في جامع الترمذي غيره. وقال الخزرجي في
(خلاصة تذهيب تهذيب الكمال): وعنه الترمذي فرد حديث. انتهى.
وقد رمز في (الخلاصة) و(تهذيب التهذيب) وتقريبه عند الترجمة لمسلم لكونه
من رجال الترمذي، وذلك من أجل هذا الحديث الواحد الذي أخرجه عنه.
نماذج من ثناء العلماء عليه رحمه الله:
تحدث العلماء عن فضل الإمام مسلم واعترفوا له بقوة المعرفة وعلو المنـزلة.
قال فيه شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء: ((كان مسلم من علماء الناس
وأوعية العلم ما علمته إلاَّ خيراً)). وقال ابن الأخرم: ((إنما أخرجت
مدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة: محمد بن يحيى، وإبراهيم بن أبي طالب،
ومسلم)). وقال ابن عقدة: ((قلما يقع الغلط لمسلم في الرجال لأنه كتب
الحديث على وجهه)). وقال أبو بكر بن الجارودي: ((حدثنا مسلم بن الحجاج
وكان من أوعية العلم)). وقال مسلمة بن قاسم: ((ثقة جليل القدر من
الأئمة)). وقال ابن أبي حاتم: ((كتبت عنه وكان ثقة من الحفاظ له معرفة في
الحديث، وسئل عنه أبي فقال: صدوق))، وقال بندار: ((الحفاظ أربعة: أبو
زرعة، ومحمد بن إسماعيل، والدارمي، ومسلم)). وقال إسحاق بن منصور لمسلم:
((لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين)). وقال أحمد بن سلمة: ((رأيت أبا
زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشائخ
عصرهما)). وقال النووي: ((وأجمعوا على جلالته وإمامته وعلو مرتبته، وحذقه
في هذه الصناعة وتقدمه فيها وتضلعه منها)). وقال أيضاً: ((واعلم أن مسلماً
ـ رحمه الله ـ أحد أعلام أئمة هذا الشأن، وكبار المبرزين فيه، وأهل الحفظ
والإتقان والرحالين في طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان، والمعترف له
بالتقدم فيه بلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان، والرجوع إلى كتابه والمعتمد
عليه في كل الأزمان)).
وقال الذهبي في العبر: أبو الحسين النيسابوري الحافظ أحد أركان الحديث.
مؤلفاته:
قال النووي في (تهذيب الأسماء واللغات): وصنّف مسلم ـ رحمه الله ـ في علم الحديث كتباً كثيرة.
(1) منها هذا الكتاب الصحيح الذي منَّ الله الكريم ـ وله الحمد والنعمة
والفضل والمنة ـ به على المسلمين أبقى لمسلم به ذكراً جميلاً وثناء حميداً
إلى يوم الدين مع ما أعدّ له من الأجر الجزيل في دار القرار وعمّ نفعه
المسلمين قاطبة.
(2) ومنها الكتاب المسند الكبير على أسماء الرجال.
(3) وكتاب الجامع الكبير على الأبواب.
(4) وكتاب العلل.
(5) وكتاب أوهام المحدثين.
(6) وكتاب التمييز.
(7) وكتاب من ليس له إلا راو واحد.
( وكتاب طبقات التابعين.
(9) وكتاب المخضرمين. وغير ذلك. انتهى.
وذكر الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ نقلاً عن الحاكم عشرين مؤلفاً لمسلم هي بالإضافة إلى ما تقدم.
(10) كتاب الأسماء والكنى.
(11) كتاب الأفراد.
(12) كتاب الأقران.
(13) كتاب سؤالاته أحمد بن حنبل.
(14) كتاب حديث عمرو بن شعيب.
(15) كتاب الانتفاع بأهب السباع.
(16) كتاب مشائخ مالك.
(17) كتاب مشائخ الثوري.
(18) كتاب مشائخ شعبة.
(19) كتاب أولاد الصحابة.
(20) كتاب أفراد الشاميين.
مهنته:
وكان الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ بزّازاً كما في (تهذيب التهذيب)، وقال
الذهبي في كتابه (العبر): وكان صاحب تجارة وكان محسن نيسابور وله أملاك
وثروة.
عناية العلماء بترجمته ونقل أخباره ـ رحمه الله ـ:
وقد عنى الكاتبون في التاريخ وتراجم الرجال بترجمة الإمام مسلم ـ رحمه
الله ـ، وتحدثوا عنه بما هو حقيق به من ثناء جميل وذكر حسن، وعلى سبيل
المثال أذكر عشرة من أصحاب المؤلفات الذين توّجوا مؤلفاتهم بترجمة الإمام
مسلم ـ رحمه الله ـ مع ذكر تاريخ وفياتهم، واسم الكتاب المطبوع المشتمل
على ترجمة الإمام مسلم، وعدد صفحات الترجمة في كل كتاب وتعيين الصفحة
الأولى منها.
أذكر ذلك تسهيلاً لمهمة من يريد الوقوف على بعض ما كتب عن هذا الإمام الذي
خلّد الله ذكره بما وفقه له من تدوين الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول
الله صلوات الله وسلامه عليه وذلك فيما يلي:
المؤلف وتاريخ وفاته اسم الكتاب عدد صفحات الترجمة الصفحة الأولى الجزء تاريخ الطبع ومكانه
(1) الخطيب البغدادي 463هـ
(2) القاضي محمد بن أبي يعلى 526هـ
(3) الإمام النووي 676هـ
(4) ابن خلكان 681هـ
(5) الحافظ الذهبي 748هـ
(6) ابن كثير 774هـ
(7) ابن حجر العسقلاني 852 هـ
( العليمي الحنبلي 928هـ
(9) ابن العماد الحنبلي 1089هـ
(10) صديق حسن خان1307هـ
تاريخ بغداد
طبقات الحنابلة
تهذيب الأسماء واللغات
وفيات الأعيان
تذكرة الحفاظ
البداية والنهاية
تهذيب التهذيب
المنهج الأحمد
شذرات الذهب
التاج المكلل
وفاته ومدة عمره:
توفي الإمام مسلم رحمه الله عشية يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من
رجب سنة إحدى وستين ومائتين. دفن بنصر أباد ظاهر نيسابور، ومدة عمره قيل:
خمس وخمسون سنة، وقيل: سبع وخمسون رحمه الله.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى