- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
سعيد بن المسيب
الثلاثاء 25 أغسطس 2009, 15:06
هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب
المخزومي القرشي، كنيته أبو أحمد، ولد لسنتين من خلافة عمر بن الخطاب سنة
14هـ في المدينة النبوية ؛ حيث كبار الصحابة، فرأى عمر بن الخطاب، وسمع
عثمان بن عفان، وعليًّا، وزيد بن ثابت، وأبا موسى الأشعري، وأبا
هريرة..وغيرهم ، سيد فقهاء المدينة والتابعين ، روى عن عدد من الصحابة
وبعض أمهات المؤمنين وكان أعلم الناس بقضايا رسول الإسلام محمد بن عبد
الله صلى الله عليه وسلم ، وقضاء أبي بكر وعمر بن الخطاب، جمع بين الحديث
والفقه والزهد والورع واسع العلم ويقال له فقيه الفقهاء، كان رجلا وقورا
له هيبة عند مجالسيه فكان يغلب عليه الجد عفيفا معتزا بنفسه لا يقوم لأحد
من أصحاب السلطان ولا يقبل مانحاهم ولا هداياهم ولا التملق لهم أو
الاقتناع بهم .
نشأ نشأة مباركة، وسار على نهج صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
واقتدى بأفعالهم ، وروى عنهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج
بنت الصحابي الجليل أبي هريرة، فكان أعلم الناس بحديثه.
وهبه الله في نشأته الباكرة ذكاءً متوقدًا، وذاكرة قوية، حتى شهد له كبار
الصحابة والتابعين بعلو المكانة في العلم، وكان رأس فقهاء المدينة في
زمانه، والمقدم عليهم في الفتوى، حتى اشتهر بفقيه الفقهاء، وكان عبد الله
بن عمر -رضي الله عنه- وهو المقدم في الفتوى بالمدينة آنذاك- إذا سئل عن
مسألة صعبة في الفقه، كان يقول: سلوا سعيدًا فقد جالس الصالحين.
ويقول عنه قتادة: ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحلال والحرام منه، ويكفي ابن
المسيب فخرًا أن الخليفة العادل (عمر بن عبد العزيز ) كان أحد تلاميذه،
ولما تولى عمر إمارة المدينة لم يقض أمرًا إلا بعد استشارة سعيد، فقد أرسل
إليه عمر رجلاً يسأله في أمر من الأمور، فدعاه، فلبي الدعوة وذهب معه،
فقال عمر بن عبد العزيز له: أخطأ الرجل، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك.
وعاش سعيد طيلة حياته مرفوع الرأس، عزيز النفس، فلم يحنِ رأسه أبدًا لأي
إنسان، حتى ولو ألهبوا ظهره بالسياط، أو هددوه بقطع رقبته، فها هو ذا أمير
المدينة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان يأمره بالبيعة للوليد بن عبد
الملك، فيمتنع
فيهدده بضرب عنقه، فلم يتراجع عن رأيه رغم علمه بما ينتظره من العذاب، وما
إن أعلن سعيد مخالفته حتى جردوه من ثيابه، وضربوه خمسين سوطًا، وطافوا به
في أسواق المدينة، وهم يقولون: هذا موقف الخزي!! فيرد عليهم سعيد في ثقة
وإيمان: بل من الخزي فررنا إلى ما نريد.
ولما علم عبد الملك بما صنعه والى المدينة لامه وكتب إليه: سعيد..كان
والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عنده من خلاف،
وبعد كل هذا التعذيب الذي ناله سعيد جاءه رجل يحرضه في الدعاء على بني
أمية، فما كان منه إلا أن قال: اللهم أعز دينك، وأظهر أولياءك، وأخزِ
أعداءك في عافية لأمة محمد
صلى الله عليه وسلم.
صلى (الحجاج بن يوسف الثقفي ) ذات مرة، وكان يصلى بسرعة، فلم يتم ركوع
الصلاة وسجودها كما يجب، فأخذ سعيد كفًا من الحصى ورماه به، فانتبه الحجاج
لذلك واطمأن وتمهل في صلاته، وكان ذلك قبل أن يتولى الحجاج الإمارة، ورفض
سعيد أن تكون ابنته أعظم سيدة في دولة الخلافة الإسلامية؛ وذلك حين أراد
الخليفة عبد الملك بن مروان أن يخطب ابنة سعيد لولي عهده الوليد، لكن
سعيدًا رفض بشدة، وزوج ابنته من طالب علم فقير.
فقد كان لسعيد جليس يقال له (عبد الله بن وداعة ) فأبطأ عنه أيامًا، فسأل
عنه وطلبه، فأتاه واعتذر إليه، وأخبره بأن سبب تأخره هو مرض زوجته وموتها،
فقال له: ألا أعلمتنا بمرضها فنعودها، أو بموتها فنشهد جنازتها، ثم قال:
يا عبد الله تزوج، ولا تلق الله وأنت أعزب، فقال: يرحمك الله ومن يزوجني
وأنا فقير؟ فقال سعيد: أنا أزوجك ابنتي، فسكت عبد الله استحياء، فقال
سعيد: مالك سكت، أسخطًا وإعراضًا؟ فقال عبد الله: وأين أنا منها؟ فقال: قم
وادع نفرًا من الأنصار، فدعا له فأشهدهم على النكاح (الزواج )، فلما صلوا
العشاء توجه سعيد بابنته إلى الفقير ومعها الخادم والدراهم والطعام،
والزوج لا يكاد يصدق ما هو فيه!!
وحرص سعيد على حضور صلاة الجماعة، وواظب على حضورها أربعين سنة لم يتخلف
عن وقت واحد، وكان سعيد تقيًّا ورعًا، يذكر الله كثيرًا، جاءه رجل وهو
مريض، فسأله عن حديث وهو مضطجع فجلس فحدثه، فقال له ذلك الرجل: وددت أنك
لم تتعن ولا تتعب نفسك، فقال: إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله وأنا مضطجع،
ومن احترامه وتوقيره لحرمات الله قوله: لا تقولوا مصيحف ولا مسيجد، ما كان
لله فهو عظيم حسن جميل، فهو يكره أن تصغر كلمة مصحف، أو كلمة مسجد أو كل
كلمة غيرهما تكون لله تعالى إجلالا لشأنها وتعظيمًا.
ومرض سعيد، واشتد وجعه، فدخل عليه نافع بن جبير يزوره، فأغمى عليه، فقال
نافع: وَجِّهوه، ففعلوا، فأفاق فقال: من أمركم أن تحولوا فراشي إلى
القبلة..أنافع؟ قال: نعم، قال له سعيد: لئن لم أكن على القبلة والملة
والله لا ينفعني توجيهكم فراشي، ولما احتضر سعيد بن المسيب ترك مالاً،
فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أتركها إلا لأصون بها ديني، ومات سعيد سنة
ثلاث أو أربع وتسعين من الهجرة، فرحمه الله رحمة واسعة.
المخزومي القرشي، كنيته أبو أحمد، ولد لسنتين من خلافة عمر بن الخطاب سنة
14هـ في المدينة النبوية ؛ حيث كبار الصحابة، فرأى عمر بن الخطاب، وسمع
عثمان بن عفان، وعليًّا، وزيد بن ثابت، وأبا موسى الأشعري، وأبا
هريرة..وغيرهم ، سيد فقهاء المدينة والتابعين ، روى عن عدد من الصحابة
وبعض أمهات المؤمنين وكان أعلم الناس بقضايا رسول الإسلام محمد بن عبد
الله صلى الله عليه وسلم ، وقضاء أبي بكر وعمر بن الخطاب، جمع بين الحديث
والفقه والزهد والورع واسع العلم ويقال له فقيه الفقهاء، كان رجلا وقورا
له هيبة عند مجالسيه فكان يغلب عليه الجد عفيفا معتزا بنفسه لا يقوم لأحد
من أصحاب السلطان ولا يقبل مانحاهم ولا هداياهم ولا التملق لهم أو
الاقتناع بهم .
نشأ نشأة مباركة، وسار على نهج صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
واقتدى بأفعالهم ، وروى عنهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج
بنت الصحابي الجليل أبي هريرة، فكان أعلم الناس بحديثه.
وهبه الله في نشأته الباكرة ذكاءً متوقدًا، وذاكرة قوية، حتى شهد له كبار
الصحابة والتابعين بعلو المكانة في العلم، وكان رأس فقهاء المدينة في
زمانه، والمقدم عليهم في الفتوى، حتى اشتهر بفقيه الفقهاء، وكان عبد الله
بن عمر -رضي الله عنه- وهو المقدم في الفتوى بالمدينة آنذاك- إذا سئل عن
مسألة صعبة في الفقه، كان يقول: سلوا سعيدًا فقد جالس الصالحين.
ويقول عنه قتادة: ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحلال والحرام منه، ويكفي ابن
المسيب فخرًا أن الخليفة العادل (عمر بن عبد العزيز ) كان أحد تلاميذه،
ولما تولى عمر إمارة المدينة لم يقض أمرًا إلا بعد استشارة سعيد، فقد أرسل
إليه عمر رجلاً يسأله في أمر من الأمور، فدعاه، فلبي الدعوة وذهب معه،
فقال عمر بن عبد العزيز له: أخطأ الرجل، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك.
وعاش سعيد طيلة حياته مرفوع الرأس، عزيز النفس، فلم يحنِ رأسه أبدًا لأي
إنسان، حتى ولو ألهبوا ظهره بالسياط، أو هددوه بقطع رقبته، فها هو ذا أمير
المدينة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان يأمره بالبيعة للوليد بن عبد
الملك، فيمتنع
فيهدده بضرب عنقه، فلم يتراجع عن رأيه رغم علمه بما ينتظره من العذاب، وما
إن أعلن سعيد مخالفته حتى جردوه من ثيابه، وضربوه خمسين سوطًا، وطافوا به
في أسواق المدينة، وهم يقولون: هذا موقف الخزي!! فيرد عليهم سعيد في ثقة
وإيمان: بل من الخزي فررنا إلى ما نريد.
ولما علم عبد الملك بما صنعه والى المدينة لامه وكتب إليه: سعيد..كان
والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عنده من خلاف،
وبعد كل هذا التعذيب الذي ناله سعيد جاءه رجل يحرضه في الدعاء على بني
أمية، فما كان منه إلا أن قال: اللهم أعز دينك، وأظهر أولياءك، وأخزِ
أعداءك في عافية لأمة محمد
صلى الله عليه وسلم.
صلى (الحجاج بن يوسف الثقفي ) ذات مرة، وكان يصلى بسرعة، فلم يتم ركوع
الصلاة وسجودها كما يجب، فأخذ سعيد كفًا من الحصى ورماه به، فانتبه الحجاج
لذلك واطمأن وتمهل في صلاته، وكان ذلك قبل أن يتولى الحجاج الإمارة، ورفض
سعيد أن تكون ابنته أعظم سيدة في دولة الخلافة الإسلامية؛ وذلك حين أراد
الخليفة عبد الملك بن مروان أن يخطب ابنة سعيد لولي عهده الوليد، لكن
سعيدًا رفض بشدة، وزوج ابنته من طالب علم فقير.
فقد كان لسعيد جليس يقال له (عبد الله بن وداعة ) فأبطأ عنه أيامًا، فسأل
عنه وطلبه، فأتاه واعتذر إليه، وأخبره بأن سبب تأخره هو مرض زوجته وموتها،
فقال له: ألا أعلمتنا بمرضها فنعودها، أو بموتها فنشهد جنازتها، ثم قال:
يا عبد الله تزوج، ولا تلق الله وأنت أعزب، فقال: يرحمك الله ومن يزوجني
وأنا فقير؟ فقال سعيد: أنا أزوجك ابنتي، فسكت عبد الله استحياء، فقال
سعيد: مالك سكت، أسخطًا وإعراضًا؟ فقال عبد الله: وأين أنا منها؟ فقال: قم
وادع نفرًا من الأنصار، فدعا له فأشهدهم على النكاح (الزواج )، فلما صلوا
العشاء توجه سعيد بابنته إلى الفقير ومعها الخادم والدراهم والطعام،
والزوج لا يكاد يصدق ما هو فيه!!
وحرص سعيد على حضور صلاة الجماعة، وواظب على حضورها أربعين سنة لم يتخلف
عن وقت واحد، وكان سعيد تقيًّا ورعًا، يذكر الله كثيرًا، جاءه رجل وهو
مريض، فسأله عن حديث وهو مضطجع فجلس فحدثه، فقال له ذلك الرجل: وددت أنك
لم تتعن ولا تتعب نفسك، فقال: إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله وأنا مضطجع،
ومن احترامه وتوقيره لحرمات الله قوله: لا تقولوا مصيحف ولا مسيجد، ما كان
لله فهو عظيم حسن جميل، فهو يكره أن تصغر كلمة مصحف، أو كلمة مسجد أو كل
كلمة غيرهما تكون لله تعالى إجلالا لشأنها وتعظيمًا.
ومرض سعيد، واشتد وجعه، فدخل عليه نافع بن جبير يزوره، فأغمى عليه، فقال
نافع: وَجِّهوه، ففعلوا، فأفاق فقال: من أمركم أن تحولوا فراشي إلى
القبلة..أنافع؟ قال: نعم، قال له سعيد: لئن لم أكن على القبلة والملة
والله لا ينفعني توجيهكم فراشي، ولما احتضر سعيد بن المسيب ترك مالاً،
فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أتركها إلا لأصون بها ديني، ومات سعيد سنة
ثلاث أو أربع وتسعين من الهجرة، فرحمه الله رحمة واسعة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى