- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
دعوة الرّسُل
الإثنين 24 أغسطس 2009, 19:36
دعوة الرّسُل
النظر في دعوة الرسل مجال خصب يدلنا على مدى صدقهم ، فقد جاءت الرسل بمنهج
متكامل لإصلاح الإنسان ، ولإصلاح المجتمع الإنساني ، ودين كهذا يقول الذين
جاؤوا به إنّه منزل من عند الله لا بدّ أن يكون في غاية الكمال ، خالياً
من النقائص والعيوب ، لا يتعارض مع فطرة الإنسان ، وسنن الكون ، وقد وجهنا
القرآن إلى هذا النوع من الاستدلال ، فقال : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ
غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ) [النساء : 82] .
فكونه وحدة متكاملة يصدق بعضه بعضاً ، لا تناقض فيه ولا اختلاف – دليل واضح على صدق الذي جاء به .
والنظر في المقاصد التي تدعو إليها الرسل ، والفضائل والقيم التي يُنادون
بها كلُّ ذلك من أعظم الأدلة على صدقهم ، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ
هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) [ الإسراء : 9 ] .
ولقد ألَّف العلماء مؤلفات في بيان كمال هذا الدين وشموله وبيان حكمة
التشريع ، وبيان القواعد والأسس التي تجعل هذا الدين بناء محكماً ، يردد
الناس النظر فيه فلا يجدون فيه عيباً ولا نقصاً .
وقد ميز الله البشر بالعقل ، وأودع عقولهم إدراك قبح القبيح ، وإدراك حسن
الحسن، إلاّ أنّ رحمته جلّ وعلا اقتضت ألاّ يعذب خلقه على تركهم الحسن
وفعلهم القبيح ما لم يُقِم عليهم الحجةَ بإرسال الرسل .
وقد سئل أعرابيُّ : بم عرفت أنّ محمداً رسول الله ؟ فقال : ما أمر بشيء
فقال العقل: ليته ينهى عنه ، ولا نهى عن شيء ، فقال العقل : ليته أمر به
(1) .
وهذا الذي استدل به الأعرابي في غاية الجودة ، فإن الرسل جاءت من عند الله
بعلوم وشرائع يعلم العاقل المنصف عند التأمل فيها أنّه لا يمكـن أن تكون
آراء البشر ولا أفكارهم .
دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
والناظر في دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكون مكابراً أعظم
المكابرة إن لم يعتبر ولم يؤمن ، فنبينا عليه السلام جاء بهذا القرآن الذي
عجزت الإنس والجنُّ عن الإتيان بمثله ، وقد حوى من الأخبار الماضية
والآتية ، والعلوم المختلفة ما يخضع له المنصف ، ويجعله يسبح بحمد الله
طويلاً .
هذا الكتاب وتلك العلوم تصل إلينا على يد رجل أميّ ، لم يمسك بالقلم يوماً
، ولم يكن يقرأ ما سطره العلماء والكتاب من قبل ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن
قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ
الْمُبْطِلُونَ ) [ العنكبوت : 48 ] .
ليس أمراً عادياً أن يتحول رجل أميّ بين عشية وضحاها إلى معلم بشرية ،
يبذل العلم للناس ، ويقوّم علوم السابقين ، ويبين ما فيها من تحريف وتغير .
لقد كان هذا الدليل يجول في نفوس أهل مكة ، فهم يعرفون محمداً صلى الله
عليه وسلم قبل أن يأتيهم بما أتاهم به ، ويعلمون أُميته ، ولذلك لم يكن
منهم إلا التمحل وجحود الحقّ بعد معرفته ( فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ
وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ ) [الأنعام : 33]
لقد وصلت بهم السفاهة إلى الزعم بأن الذي يأتي محمداً صلى الله عليه وسلم
بهذا العلم حداد رومي كان بمكة ، وإنه لفرية مضحكة ( لِّسَانُ الَّذِي
يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) [
النحل : 103 ] .
--------------------------------
(1) مفتاح دار السعادة : 2/6-7 .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى