- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
العباس بن عبد المطلب
الثلاثاء 25 أغسطس 2009, 15:29
العباس بن عبد المطلب عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، يفصل بينهما
سنتيـن أو ثلاث تزيد في عمر العباس عن عمر الرسول ، فكانت القرابة
والصداقة بينهما ، إلى جانب خُلق العباس وسجاياه التي أحبها الرسول الكريم
، فقد كان وَصولاً للرحم والأهل ، لا يَضِنُّ عليهما بجهد ولا مال ، وكان
فَطِناً الى حد الدهاء وله مكانا رفيعا في قريش ...
إسلامه
العباس -رضي الله عنه- لم يعلن إسلامه إلا عام الفتح ، مما جعل بعض
المؤرخين يعدونه ممن تأخر إسلامهم ، بيد أن روايات أخرى من التاريخ تنبيء
أنه كان من المسلمين الأوائل ولكن كتم إسلامه ، فيقول أبو رافع خادم
الرسول -صلى الله عليه وسلم- كنت غلاماً للعباس بن عبد المطلب ، وكان
الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، فأسلم العباس ، وأسلمت أمُّ الفضل ،
وأَسْلَمْتُ ، وكان العباس يكتم إسلامه ) ... فكان العباس إذا مسلماً قبل
غزوة بدر ، وكان مقامه بمكة بعد هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-وصحبه
خُطَّة أدت غايتها على خير نسق ، وكانت قريش دوما تشك في نوايا العباس ،
ولكنها لم تجد عليه سبيلا وظاهره على مايرضون من منهج ودين ...
بيعة العقبة
في بيعة العقبة الثانية عندما قدم مكة في موسم الحج وفد الأنصار ، ثلاثة
وسبعون رجلا وسيدتان ، ليعطوا الله ورسوله بيعتهم ، وليتفقوا مع الرسول
-صلى الله عليه وسلم- على الهجرة الى المدينة ، أنهى الرسول -صلى الله
عليه وسلم- نبأ هذا الوفد الى عمه العباس فقد كان يثق بعمه في رأيه كله ،
فلما اجتمعوا كان العباس أول المتحدثين فقال يا معشر الخزرج ، إن محمدا
منا حيث قد علمتم ، وقد منعناه من قومنا ، ممن هو على مثل رأينا فيه ، فهو
في عز من قومه ، ومنعة في بلده ، وإنه قد أبى إلا الإنحياز إليكم واللحوق
بكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ، ومانعوه ممن خالفه
فأنتم وما تحملتم من ذلك ، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج
به إليكم فمن الآن فدعوه ، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده ) ... وكان
العباس يلقـي بكلماتـه وعيناه تحدقـان في وجـوه الأنصار وترصـد ردود فعلهم
... كما تابع الحديث بذكاء فقال صفوا لي الحـرب ، كيف تقاتلون عدوكم ؟)
... فهو يعلم أن الحرب قادمة لا محالة بين الإسلام والشرك ، فأراد أن يعلم
هل سيصمد الأنصار حين تقوم الحرب ، وأجابه على الفور عبد الله بن عمرو بن
حرام نحن والله أهل الحرب ، غُذينا بها ومُرِنّا عليها ، وورِثناها عن
آبائنا كابرا فكابرا ، نرمي بالنبل حتى تفنى ، ثم نطاعن بالرماح حتى
تُكسَر ، ثم نمشي بالسيوف فنُضارب بها حتى يموت الأعجل منا أو من عدونا )
... وأجاب العباس أنتم أصحاب حرب إذن ، فهل فيكم دروع ؟) ... قالوا
نعم ، لدينا دروع شاملة ) ... ثم دار الحديث الرائع مع رسول الله والأنصار
كما نعلم من تفاصيل البيعة ...
غزوة بدر
وفي غزوة بدر رأت قريش الفرصة سانحة لإختبار العباس وصدق نواياه ، فدفعته
الى معركة لا يؤمن بها ولا يريدها ، والتقى الجمعان ببدر وحمي القتال ،
ونادى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه قائلا إني عرفت أن رجالا من
بني هاشم وغيرهم قد أخْرِجوا كرهاً ، لا حاجة لهم بقتالنا ، فمن لقي منكم
أحدا من بني هاشم فلا يقتله ومن لقي أبا البَخْتَري بن هشام بن الحارث بن
أسد فلا يقتله ، ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله فإنه إنما أخرج
مستكرها ) ... فقال أبو حذيفة أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخوتنا وعشيرتنا
ونترك العباس ، والله لئن لقيته لألحمنّه السيف ) ... فبلغ ذلك الرسول
-صلى الله عليه وسلم- فقال لعمر بن الخطاب يا أبا حفص ، أيضرب وجه عم
رسول الله بالسيف ؟) ... فقال عمر يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه
بالسيف فوالله لقد نافق ) ... فكان أبو حذيفة يقول ما أنا بآمن من تلك
الكلمة التي قلت يومئذ ، ولا أزال منها خائفا إلا ان تكفرّها عني الشهادة
) ... فقتل يوم اليمامة شهيد ...
الأسر
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحب عمه العباس كثيرا ، حتر أنه لم ينم
حين أسِرَ العباس في بدر ، وحين سُئِل عن سبب أرقه أجاب سمعت أنين
العباس في وثاقه ) ... فأسرع أحد المسلمين الى الأسرى وحلّ وثاق العباس
وعاد فأخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلا يا رسول الله إني أرخيت
من وثاق العباس شيئا ) ... هنالك قال الرسول لصاحبه اذهب فافعل ذلك
بالأسرى جميعا ) ... فحب الرسول للعباس لن يميزه على غيره ...
الفداء
وحين تقرر أخذ الفدية قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- للعباس يا عباس
، افد نفسك ، وابن أخيك عقيل بن أبي طالب ، ونوفل بن الحارث ، وحليفك عتبة
بن عمرو وأخا بني الحارث بن فهر ، فإنك ذو مال ) ... وأراد العباس أن
يغادر من دون فدية فقال يا رسول الله ، إني كنت مسلما ، ولكن القوم
استكرهوني ) ... وأصر الرسول على الفدية ، ونزل القرآن بذلك
قال تعالى يا أيُّها النبي قُـل لِمَن في أيْديكم من الأسْرَى إن
يَعْلَم اللهُ في قلوبكم خيراً يؤْتِكم خيراً مما أُخِذَ منكم ويغفر لكم
والله غفور رحيم ) ...
وهكذا فدا العباس نفسه ومن معه وعاد الى مكة ، ولم تخدعه قريش بعد ذلك أبد
... وبعد حين جمع ماله ومتاعه وأدرك الرسول الكريم بخيبر ، وأخذ مكانه بين
المسلميـن وصار موضع حبهم وإجلالهم ، لاسيما وهم يرون حب الرسـول له وقوله
إنما العباس صِنْوُ أبي ... فمن آذى العباس فقـد آذاني ) ... وأنجب
العباس ذرية مباركة وكان ( حبر الأمة ) عبد الله بن العباس أحد هؤلاء
الأبناء ...
يوم حنين
حين كان المسلمون مجتمعين في أحد الأودية ينتظرون مجيء عدوهم ، كان
المشركون قد سبقوهم الى الوادي وكمنوا لهم في شعابه ممسكين زمام الأمور
بأيديهم ، وعلى حين غفلة انقضوا على المسلمين في مفاجأة مذهلة جعلتهم
يهرعون بعيدا ، ورأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما أحدثه الهجوم
المفاجيء فعلا صهوة بغلته البيضاء وصاح إلي أيها الناس ، هلمّوا إلي ،
أنا النبي لا كذِب ، أنا ابن عبد المطلب ) ... ولم يكن حول الرسول -صلى
الله عليه وسلم- يومئذ إلا أبو بكر ،وعمر ،وعلي بن أبي طالب ،والعباس بن
عبد المطلب ،وولده الفضل بن العباس ،وجعفر بن الحارث ،وربيعة بن الحارث ،
وأسامة بن زيد ،وأيمن بن عبيد ،وقلة أخرى من الصحابة ،وسيدة أخذت مكانا
عاليا بين الأبطال هي أم سليم بنت مِلْحان وكانت حاملا انتهت الى الرسول
-صلى الله عليه وسلم- وقالت اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك ، كما تقتل
الذين يقاتلونك ، فإنهم لذلك أهل ) ... هناك كان العباس الى جوار النبي
-صلى الله عليه وسلم- يتحدى الموت والخطر ، أمره الرسول أن يصرخ في الناس
فصرخ بصوته الجهوري يا معشر الأنصار ، يا أصحاب البيعة ) ... فأجابوه
لبيك ، لبيك ) ... وانقلوا عائدين كالإعصار صوب العباس ، ودارت المعركة
من جديد وغلبت خيل الله ، وتدحرج قتلى هَوَازن وثقيف ...
عام الرمادة
في عام الرمادة حين أصاب العباد قحط ، خرج أمير المؤمنين عمر والمسلمون
معه الى الفضاء الرحب يصلون صلاة الإستسقاء ، ويضرعون الى الله أن يرسل
إليهم الغيث والمطر ، ووقف عمر وقد أمسك يمين العباس بيمينه ، ورفعها صوب
السماء وقال اللهم إنا كنا نستسقي بنبيك وهو بيننا ، اللهم وإنا اليوم
نستسقي بعمِّ نبيك ، فاسقنا ) ... ولم يغادر المسلمون مكانهم حتى جاءهم
الغيث ، وهطل المطر ، وأقبل الأصحاب على العباس يعانقونه و يقبلونه
ويقولون هنيئا لك ... ساقي الحرمين ) ...
وفاته
وفي يوم الجمعة ( 14 / رجب / 32 للهجرة ) سمع أهل العوالي بالمدينة مناديا
ينادي رحم الله من شهد العباس بن عبد المطلب ) ... فأدركوا أن العباس
قد مات ، وخرج الناس لتشييعه في أعداد هائلة لم تعهد المدينة مثلها ، وصلى
عليه خليفة المسلمين عثمان بن عفان ، ووري الثرى في البقيع ...
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى